ترك دمشق قسرياً و هاجر الأديب علي الطنطاوي إلى أرض الحرمين وظل
طوال حياته يحن إلى دمشق ويشده إليها شوق متجدد..
والتي أصبح الذهاب إليها حلما صعب المنال.
وكتب في ذلك درراً أدبية يقول في إحداها:
((وأخيراً أيها المحسن المجهول، الذي رضي أن يزور دمشق عني،
حين لم أقدر أن أزورها
بنفسي،
لم يبق لي عندك إلا حاجة واحدة، فلا تنصرف عني،
بل أكمل معروفك، فصلّ الفجر في "جامع
التوبة"
ثم توجه شمالاً حتى تجد أمام "البحرة الدفاقة" زقاقاً
ضيقاً جداً،
حارة تسمى "المعمشة"
فادخلها فسترى عن يمينك نهراً، أعني جدولاً عميقاً على جانبيه من
الورود
والزهر وبارع النبات ما تزدان منه حدائق القصور..
وعلى كتفه ساقية عالية, اجعلها عن يمينك ..
وامش في مدينة الأموات..
وارع حرمة القبور فستدخل أجسادنا مثلها..
دع البحرة الواسعة في وسطها وهذه الشجرة الضخمة ممتدة الفروع..
سر إلى الأمام حتى يبقى
بينك وبين جدار المقبرة الجنوبي نحو خمسين
متراً، إنك سترى إلى يسارك قبرين متواضعين من الطين..
على أحدهما شاهد باسم
الشيح أحمد الطنطاوي، هذا قبر جدي، فيه دفن "أبي "
و إلى جنبه قبر أمي فأقرئهما مني السلام،
واسأل الله الذي جمعهما في الحياة، وجمعهما في المقبرة، أن
يجمعهما في الجنة..
{رب اغفر لي ولوالدي}
{رب ارحمهما كما ربياني
صغيراً}
رب ارحم ابنتي واغفر لها، رب وللمسلمين والمسلمات))
0 التعليقات:
إرسال تعليق